توصيات غربية بـ«تطنيش» إسرائيل: طهران لن تتنازل عن «كنزها»
ثمّة شبه إجماع في أوساط المراقبين الغربيين على «صحّة» قرار الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، حول ضرورة التوصل إلى اتفاق حول برنامج إيران النووي، يكون بديلاً عن أيّ تصعيد عسكري محتمل، لن ينتج، بدوره، أيّ حلول «مستدامة» لـ«الخطر الإيراني».
على أن ذلك لا يلغي وجود أسباب تدعو إلى «القلق»، وفي مقدّمها أهداف إسرائيل «الطموحة»، جنباً إلى جنب «ضيق الوقت» الذي لا يحتمل أيّ «مماطلة» من أيّ جانب.
وفي إطار سعيها لاستشراف مآل التفاوض، تقول مجلة «فورين أفيرز»، إن وجود أسباب تبعث على الأمل في إمكانية نجاح مبادرة ترامب، لا يلغي كون هناك مجموعة عوامل أخرى تدعو إلى «الخوف»، وأبرزها زيادة الضغوط على طهران، من خلال العقوبات من جهة، والعملية العسكرية في اليمن من جهة ثانية، بالإضافة إلى تحديد مهلة زمنية «ضيّقة» من شهرين للتوصّل إلى اتفاق.
ويحذّر أصحاب هذا الرأي من أنه لا ينبغي لأحد تأييد خيار الحرب، نظراً إلى أنه، حتى في حال هاجمت واشنطن منشآت طهران النووية، فهي قد تعيق برنامجها «مؤقتاً»، إذ يمكن إيران، بعد ذلك، مضاعفة جهودها لصناعة أسلحة نووية. كما سترد الجمهورية الإسلامية على الفور بهجمات إقليمية، من شأنها أن ترفع منسوب الاضطرابات في الشرق الأوسط.
وفي حين أن العقوبات قد تكون «ناجعة» إلى حدّ ما، إلا أنها غير كافية لكي تؤتي الدبلوماسية ثمارها، بل سيكون على ترامب العمل على «أهدافٍ قابلة للتطبيق»، بدلاً من أن ينتظر «استسلاماً صريحاً من إيران»، على اعتبار أن مسؤولي هذا البلد يرون أن «الشيء الوحيد الأشدّ خطورة من المعاناة جرّاء العقوبات الأميركية، هو الاستسلام لمطالب واشنطن المتطرّفة».
ومن هنا، فإن عليه أيضاً الاستعداد للسماح لإيران بالاحتفاظ بعناصر من برنامجَيها النووي أو الصاروخي، في موازاة تخفيف العقوبات، بما في ذلك تلك المرتبطة بتجارة النفط، والقدرة على الوصول إلى أصولها المجمّدة، وذلك تحت طائلة انهيار المحادثات، والمخاطرة تالياً باندلاع حرب إقليمية لا يريدها أحد، وتتعارض حتماً مع المصالح الأميركية.
ومن جملة العوامل التي تصعّب المهمّة الأميركية، طبقاً لمراقبين، ارتفاع الأصوات التي تدعو إلى إنتاج قنبلة نووية داخل إيران، وإمكانية أن تجدّد الدول الأوروبية العقوبات على طهران بحلول تشرين الثاني المقبل، في مجلس الأمن، من دون أن تكون دول مثل روسيا والصين قادرة على استخدام «حق النقض» لمنعها، جنباً إلى جنب تهديد إيران بالانسحاب من «معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية». من جهته، سيواجه ترامب ضغوطاً متزايدة من صقور إدارته الداعمين لإسرائيل لـ«ضرب إيران»، فيما قد تعمد تل أبيب، من جهتها، إلى شنّ هجوم بمفردها، تجرّ بعده الولايات المتحدة إلى المعركة.
ولا يزال من غير المرجّح، وفقاً للمجلة الأميركية، أن يضع أيّ هجوم أميركي – إسرائيلي، حتى لو كان هائلاً، حدّاً لبرنامج إيران النووي، ولا سيما أن الجمهورية الإسلامية تمتلك الكثير من اليورانيوم المخصّب، وتخزّن الكثير من أجهزة الطرد المركزي المتقدّمة في العديد من الأماكن التي تصعّب على الجيوش الأميركية والإسرائيلية تدميرها.
كما أن لدى طهران العديد من الخبراء النوويين الذين يمكن تكليفهم بإحياء البرنامج النووي «من تحت الأنقاض»، في وقت تشير تقديرات الاستخبارات الأميركية، نفسها، إلى أن أيّ انتكاسة في البرنامج، جراء هجوم عسكري محتمل، لن تدوم طويلاً.
وعليه، سيكون الحلّ الوحيد لوقف البرنامج بـ«القوة»، هو تكرار الضربات العسكرية على مراحل عدّة، أو محاولة شنّ حملة لتغيير النظام في إيران، والتي ستكون نتائجها «مدمّرة وغير مؤكّدة إلى حدّ كبير».
بناءً على ما تقدَّم، تتزايد التحذيرات في الأوساط الغربية من «الاستماع» إلى مطالب إسرائيل، والتي قد توجّه ضربة «قاضية» للمفاوضات المقبلة؛ إذ، ووفقاً لتقرير نُشر في «المجلس الأطلسي»، فإنه في حال «توصّلت الولايات المتحدة وإيران إلى اتفاق يفشل في تلبية الاحتياجات الأمنية من منظور الحكومة الإسرائيلية، فإن إسرائيل ستكون قادرة على التصرّف بمفردها».
وفيما من غير المرجّح أن تقبل طهران بالاستسلام لأيّ مطلب متعلّق بتفكيك برنامجها النووي، فقد يترتّب على ذلك «عواقب وخيمة»، ذات تبعات عالمية. وثمّة مَن يجادل بأن إيران لن تقبل، في حال من الأحوال، التخلّي بشكل كامل عن برنامجها النووي، بعدما أصبح بمثابة «فخر وكنز وطنيَّيْن»، في وقت يبدو الإسرائيليون قلقين من حماسة ترامب للدبلوماسية، إلى درجة «تُضعف فرص الخيار العسكري».
المصدر: الاخبار