أفريقيا تدفع أثقل أعباء تغير المناخ عالميا
تشير التقارير إلى أن أفريقيا تدفع أحد أعلى أثمان تغير المناخ عالميا، في حين أن القارة مسؤولة عن جزء ضئيل لا يتجاوز 4% من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري في العالم.
وحسب المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، تتحمل أفريقيا عبئا ثقيلا للغاية جراء تغير المناخ، وتكاليف باهظة بشكل غير متناسب للتكيف الأساسي مع تغير المناخ، وهي الأكثر تعرضا للظواهر المناخية المتطرفة، في وقت تفتقر فيه معظم دولها لنظم الإنذار المبكر الفعالة ، وقالت المنظمة في آخر تقاريرها عن حالة مناخ أفريقيا إن القارة الأفريقية ارتفعت درجة حرارتها بشكل أسرع قليلا من المتوسط العالمي، حوالي 0.3 درجة مئوية لكل عقد بين عامي 1991 و2023.
وذكر تقرير المنظمة الدولية أن شمال أفريقيا شهدت أسرع ارتفاع في درجات الحرارة، ووصلت درجة الحرارة العظمى الجديدة في مدينة أكادير بالمغرب إلى 50.4 درجة مئوية في أغسطس/آب 2023، وشهدت بلدان أخرى هطول أمطار غزيرة أدت إلى حدوث فيضانات في عامي 2023 و2024.
وبشكل عام، تعد أفريقيا واحدة من أكثر مناطق العالم عرضة للظواهر المناخية المتطرفة، بما في ذلك الفيضانات والجفاف وموجات الحر والأعاصير المدارية والعواصف الشديدة والأمطار الغزيرة وحرائق الغابات. إذ لا يغطي 60% من السكان أي نظم للإنذار المبكر.
وفي سياق التقرير، قالت جوزيفا ليونيل كوريا ساكو، مفوضة الزراعة والتنمية الريفية والاقتصاد الأزرق والبيئة المستدامة في المفوضية الأفريقية: “تواجه أفريقيا عبئا كبيرا ومخاطر غير متناسبة ناجمة عن الأحداث الجوية والأنماط المرتبطة بتغير المناخ” ، وأشارت ساكو إلى أن “هذه الأزمات تتسبب في أزمات إنسانية ضخمة ذات آثار سلبية على الزراعة والأمن الغذائي والتعليم والطاقة والبنية الأساسية والسلام والأمن والصحة العامة وموارد المياه والتنمية الاجتماعية والاقتصادية بشكل عام”.
أثمان غير متناسبة
وتخسر الدول الأفريقية في المتوسط ما بين 2% و5% من ناتجها المحلي الإجمالي، ويُحول العديد منها ما يصل إلى 9% من ميزانياتها للاستجابة للظواهر المناخية المتطرفة.
وفي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، تُقدر تكلفة التكيف بما يتراوح بين 30 و50 مليار دولار سنويا على مدى العقد المقبل، وهو يتراوح بين 2% و3% من الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة ، وتشير التقديرات أيضا إلى أنه ما لم تُتخّذ تدابير كافية للاستجابة، فإن ما يصل إلى 118 مليون شخص يعانون من الفقر المدقع (ويعيشون على أقل من 1.90 دولار في اليوم) سيتعرضون للجفاف والفيضانات والحرارة المتطرفة في أفريقيا بحلول عام 2030.
وأثرت الظواهر المناخية المتطرفة في معظم بلدان القارة، مما أدى إلى مخاطر كبيرة على الأمن الغذائي. وبلغ إنتاج شمال أفريقيا من الحبوب 33 مليون طن في عام 2023، وهو أقل بنحو 10% من متوسط السنوات الخمس الماضية، ويماثل محصول العام السابق الذي أصابه الجفاف بالفعل.
وتضع التغيرات المناخية أعباء إضافية على جهود التخفيف من حدة الفقر وتعرقل النمو بشدة، وهو ما يتطلب إجراءات للتأقلم مع تغيّر المناخ بما في ذلك استثمارات في البنية التحتية للأرصاد الجوية الهيدرولوجية ونظم الإنذار المبكر من أجل التأهب لتزايد الظواهر الخطرة والشديدة التأثير.
ومن المنتظر أن تركز قمة المناخ التابعة للأمم المتحدة “سي أو بي 30” (COP30)، التي تستضيفها البرازيل في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، على مدى مساهمة الدول الصناعية الغنية في مساعدة الدول الأكثر فقرا على التكيف مع تغير المناخ، وخاصة تعزيز حصة تمويل المناخ الموجهة إلى الدول الأفريقية.
وحسب البنك الأفريقي للتنمية، تتلقى أفريقيا ما بين 3% و4% فقط من تمويل المناخ العالمي رغم أنها تمثل 9 من أكثر 10 دول عرضة لتغير المناخ في العالم ، وفي مارس/آذار الماضي، قدر المشاركون في القمة العالمية الثانية للأعمال بشأن تغير المناخ في أفريقيا بالعاصمة الكينية نيروبي حاجة القارة السوداء لتمويلات تغير المناخ والتكيف بنحو 55 مليار دولار.