دراسة أميركية: هكذا يتطوّر السرطان أثناء الانتشار!
قدّمت دراسة أميركية جديدة رؤى مهمّة عن الطريقة التي تتطوّر بها السرطانات أثناء انتشارها، ما قد يفتح الباب أمام تحسين فعالية العلاجات المستقبلية.
كيف يراوغ السرطان جهاز المناعة؟
الدراسة التي أجراها باحثون في كلية طب «وايل كورنيل» ومركز «ميموريال سلون كيترينغ للسرطان» في الولايات المتحدة ونُشرت نتائجها في مجلة Nature Genetics في 2 حزيران (يونيو) الحالي، أظهرت أنّ السرطان، عند انتقاله من مكانه الأصلي إلى أعضاء جديدة في الجسم، يتخذ إجراءات تمنع جهاز المناعة من اكتشافه، ما يساعده في التهرب من الأدوية المناعية المصمّمة لملاحقته.
تحليل جيني موسّع لـ3700 مريض
فحص الفريق البحثي الأنماط الجينية لأكثر من 3700 مريض سرطان، خضعوا لخزعات من مواقع أورام متعددة على مدار الوقت. أتاح ذلك للباحثين مقارنة السمات الجينية بين الورم الأوّلي (مكان النشأة) والورم النقيلي (مكان الانتقال).
كيف تتغيّر جينات الخلايا السرطانية؟
تتغيّر الجينات عبر طفرات أو تغيّرات في عدد النسخ (Copy-number alterations). وتشبه الطفرات الأخطاء المطبعية في الشيفرة الجينية، وقد تؤدي إلى إنتاج بروتينات غير طبيعية. أمّا تغيّرات عدد النسخ فهي تكرارات أو حذف لأجزاء كبيرة من المادة الوراثية.
وأظهرت النتائج التي نقل تفاصيلها موقع «يوريك أليرت» أنّ النقائل السرطانية تميل إلى تراكم تغيّرات في عدد النسخ أكثر من الطفرات، وأبرز هذه التغيّرات هو تضاعف الجينوم الكامل، أي مضاعفة كل الكروموسومات في الخلية السرطانية.
تضاعف الجينوم: تكتيك للبقاء
توضح الباحثة الرئيسية في الدراسة، كارينا تشاو، أنّ «تضاعف الجينوم الكامل كان الحدث الجيني الأكثر شيوعاً أثناء انتقال المرض، حيث سُجّل لدى نحو ثلث المرضى».
واعتبر الباحثون أنّ السرطان يلجأ إلى تغيير عدد النسخ أكثر من الطفرات، لتفادي إثارة انتباه الجهاز المناعي. فالطفرات قد تؤدي إلى إنتاج بروتينات غير مألوفة، بينما تغيّرات النسخ تتيح للسرطان التكيّف والبقاء دون استنفار مناعي.
خدعة التمويه
يقول الباحثون إنّ تضاعف الجينوم يتيح للخلية السرطانية الاحتفاظ بنسخة سليمة من المادة الوراثية، ما يسمح بتحوير أو حذف النسخة الأخرى بحرّية. وبهذا الأسلوب، يؤمّن السرطان «رهاناته» للبقاء والتطوّر في بيئات جديدة، ويعزّز مقاومته للعلاجات.
صراع الطفرات والمناعة
الطفرات قد تفضح الخلية السرطانية أمام جهاز المناعة، إذ تدفعها إلى إنتاج بروتينات يعتبرها الجسم تهديداً. في المقابل، فإنّ تغيّرات عدد النسخ لا تستفزّ جهاز المناعة بنفس القدر، ما يجعلها خياراً أكثر أماناً للسرطان عند الانتشار.
ويقول باندلامودي: «أظهرت دراستنا أنّ الخلايا السرطانية أثناء الانتقال تميل إلى تعزيز تغيّرات عدد النسخ، وتجنّب توليد الطفرات التي قد تُحفّز استجابة مناعية».
نحو إستراتيجيات علاجية جديدة
خلُص الباحثون إلى أنّ الإستراتيجيات الحديثة التي تستهدف عدم الاستقرار الجيني في الخلايا السرطانية، أو التي تغيّر البيئة الدقيقة للورم، قد تكون أساسية لتحقيق استجابات علاجية فعّالة ودائمة في حالات السرطان النقيلي.