عن كثب-ذخائر غير منفجرة.. معضلة جديدة في حرب غزة

خان يونس (غزة) (رويترز) – تقول الحكومة الأمريكية إن الذخائر غير المنفجرة تنتشر في كل مكان بقطاع غزة نتيجة عشرات الآلاف من الغارات الجوية التي شنتها إسرائيل، مما يجعل القطاع “غير صالح للسكن”.

واقترح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في فبراير شباط أن تسيطر الولايات المتحدة على غزة وتتولى مسؤولية تفكيك القنابل غير المنفجرة وغيرها من المقذوفات من أجل بناء “ريفييرا الشرق الأوسط”، ولا تخطئ عين مدى ضخامة التحدي المتعلق بإزالة هذه المخلفات القاتلة، والذي تتناوله هذه التغطية بالتفصيل للمرة الأولى.

تجدد القصف الإسرائيلي في مارس آذار بعد انهيار وقف إطلاق نار أُبرم في يناير كانون الثاني، في هجوم قالت الأمم المتحدة إنه أدى إلى السيطرة على أو إخلاء ثلثي القطاع. ويتواصل سقوط المزيد من القنابل يوميا ،وبحلول أكتوبر تشرين الأول 2024، قال الجيش الإسرائيلي إنه نفذ أكثر من 40 ألف غارة جوية على القطاع. وتشير تقديرات دائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام إلى أن قنبلة من بين كل 10 قنابل وقنبلة من بين كل 20 أُطلقت على غزة لم تنفجر.

ووفقا لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة تتناثر هذه المقذوفات بين أكثر من 50 مليون طن من الأنقاض التي تنتشر في أنحاء القطاع الصغير المكتظ بالسكان.

* “غير إنساني”

بدأت بسرعة جهود سكان غزة لإزالة الأنقاض. فبعد أسبوع من سريان وقف إطلاق النار في يناير كانون الثاني وقرب مدينة خان يونس كان سائق جرافة يدعى علاء أبو جميزة يرفع الركام من شارع قريب من مكان يلعب فيه سعيد عبد الغفور (15 عاما). اصطدمت شفرة الجرافة بقنبلة لم تكن ظاهرة.

وقال الفتى لرويترز “كنا نلعب، مش شايفين أي شيء. آمنة المنطقة، مفيش أي شيء، إلا ما شوفنا الانفجار. مشوفناش ولا أي شيء. صار فينا زي هبو مسكنا، نار” ، وأضاف أنه فقد إحدى عينيه. كما فقد السائق أبو جميزة إحدى عينيه وأصيب بحروق وشظايا في يديه وساقيه.

ووفقا لقاعدة بيانات جمعتها مجموعة من وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية العاملة في غزة، فمنذ بدأت الحرب في السابع من أكتوبر تشرين الأول 2023 قتل ما لا يقل عن 23 شخصا وأصيب 162 آخرون بسبب الذخائر غير المنفجرة أو التي لم يتم التعامل معها بالحذر المطلوب، وهو تقدير يقول عمال الإغاثة إنه ليس سوى جزء يسير من الإجمالي لأن عددا قليلا من الضحايا هم من يعرفون كيفية الإبلاغ عما حدث لهم.

وقالت حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) إنها تجمع بعض الذخائر غير المنفجرة لاستخدامها ضد إسرائيل، لكنها مستعدة أيضا للتعاون مع الهيئات الدولية لإزالتها ، لكن تسعة مسؤولين في مجال المساعدات قالوا لرويترز إن الجهود الدولية الرامية إلى تفكيك القنابل خلال فترات توقف القتال أعاقتها إسرائيل التي تفرض قيودا على الواردات إلى القطاع من البضائع التي قد يكون لها استخدام عسكري.

وأظهرت وثيقة أعدتها منظمتان تعملان في إزالة الألغام واطلعت عليها رويترز أن السلطات الإسرائيلية رفضت طلبات لاستيراد أكثر من 20 نوعا من معدات إزالة الألغام في الفترة من مارس آذار إلى يوليو تموز من العام الماضي، وهو ما يمثل ما مجموعه أكثر من 2000 سلعة، بدءا من المناظير والمركبات المدرعة إلى الأسلاك المستخدمة في عمليات التفجير.

وقال جيريمي لورانس المتحدث باسم مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان لرويترز “عملية إزالة الألغام لم تبدأ بعد بسبب القيود التي تفرضها السلطات الإسرائيلية على منظمات مكافحة الألغام فيما يتعلق بدخول المعدات اللازمة”.

وأضاف أن هذا الأمر يفرض “تحديات خطيرة يمكن تفاديها” على العاملين في مجال المساعدات الإنسانية ،وتقول المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان واللجنة الدولية للصليب الأحمر إن إسرائيل، بصفتها القوة المحتلة، ملزمة بإزالة مخلفات الحرب التي تعرض حياة المدنيين للخطر أو بالمساعدة في إزالتها بموجب اتفاقية لاهاي لعام 1907.

وذكرت كوردولا درويجه كبيرة المسؤولين القانونيين في اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن هذا الالتزام تقر به إسرائيل بموجب القانون الدولي العرفي حتى وإن لم تكن من الدول الموقعة عليه ،ورفض الجيش الإسرائيلي الإجابة عن أسئلة حول الذخائر التي استخدمها في غزة لدواع أمنية، ولم يرد على طلب للتعليق على حجم الذخائر المتبقية.

ولم ترد وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن تنسيق المساعدات، على طلبات للتعليق على دورها في جهود إزالة الألغام ،وقالت شارين هاسكل نائبة وزير الخارجية الإسرائيلي إن حماس نثرت معظم المتفجرات، دون تقديم أدلة ، ورفض مسؤول في حماس الإجابة عن سؤال حول عدد الأسلحة التي استخدمتها الحركة في غزة أو كمية الذخائر غير المنفجرة المتبقية.

وقال برايان هيوز المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي “أكدنا مرارا أن قطاع غزة غير صالح للسكن وأن إجبار سكانه على العيش بين الذخائر التي لم تنفجر أمر غير إنساني”، وأضاف “قدم الرئيس ترامب رؤية إنسانية لإعادة إعمار غزة ونواصل المناقشات مع الشركاء في المنطقة بشأن الخطوات التالية”، دون الإجابة عن أسئلة حول الأسلحة التي قدمتها الولايات المتحدة أو خططها لإزالة الألغام من القطاع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى